احتضن قصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة الجزائرية، احتفالية إحياء الذكرى الخمسين للوحدة الوطنية الصحراوية، بحضور شخصيات رسمية وبرلمانية جزائرية، وممثلين عن القوى السياسية والمجتمع المدني، إلى جانب أعضاء من السلك الدبلوماسي والإعلام الوطني.وفي كلمته بالمناسبة، عبّر السفير الصحراوي بالجزائرخطري أدوه عن تقدير بلاده العميق لموقف الجزائر الثابت والتاريخي إلى جانب كفاح الشعب الصحراوي، مؤكداً أن الجزائر «قدّمت نموذجاً فريداً في التضامن والدفاع عن القضايا العادلة، واحتضنت اللاجئين الصحراويين على مدى خمسين سنة كاملة».
كما وجّه السفير شكره إلى وزارة الثقافة والفنون الجزائرية وإلى اللجنة الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي على تنظيم هذه الوقفة الرمزية، التي وصفها بأنها «تجسيد حيّ لعمق العلاقات الأخوية بين الشعبين الجزائري والصحراوي، الممتدة في التاريخ والمبنية على القيم المشتركة للنضال والحرية».
وأوضح السفيرخطري أدوه أن يوم 12 أكتوبر 1975 يمثل «محطة تاريخية فاصلة في مسيرة الشعب الصحراوي»، حيث شهدت منطقة بنتيلي انعقاد المؤتمر الوطني الأول للوحدة الوطنية، الذي «كرّس جبهة البوليساريو ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الصحراوي بعد سقوط كل محاولات الاستعمار الإسباني والقوى التوسعية لخلق كيانات وهمية».
وأضاف أن تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق عام 1975 أكد بوضوح أن «جبهة البوليساريو هي القوة السياسية المهيمنة في الميدان، وأن الشعب الصحراوي مجمع على الاستقلال ورافض لأي شكل من أشكال الضم أو التبعية».
وأشار إلى أن الانتصار في معركة التمثيل الوطني كان «انتصاراً للشعب الصحراوي بأكمله وهزيمةً للاستعمار ولكل الأطماع التوسعية»، مؤكداً أن وحدة الصف الوطني ما تزال إلى اليوم «الركيزة الأساسية لصمود الشعب الصحراوي ونضاله من أجل استكمال السيادة الوطنية».
وختم السفير الصحراويخطري أدوه تصريحه بالتأكيد على أن «الاحتفاء بالذكرى الخمسين للوحدة الوطنية هو تجديد للعهد على مواصلة النضال حتى تحقيق الاستقلال الكامل للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على كامل ترابها الوطني»، موجهاً التحية إلى الشهداء الأبرار وكل من وقف إلى جانب الحق والقانون الدولي.
ومن جهته أكد بوجمعة صويلح نائب رئيس اللجنة الوطنية للتضامن مع الشعب الصحراوي في تصريح خلال اللقاء، أن العلاقة بين الثورة الجزائرية والقضية الصحراوية علاقة تاريخية متجذرة في الذاكرة المشتركة لشعبين قدّما تضحيات جساماً في مواجهة الاستعمار.
وقال إن التاريخ لا يبدأ من اتفاقيات أو محطات سياسية، بل يمتد من عمق النضال التحرري الذي عرفته المنطقة منذ الاحتلال الفرنسي سنة 1830، وما تلاه من مقاومة مستمرة حتى تحقيق الاستقلال. وأضافت أن الشعب الصحراوي يواصل اليوم هذا المسار المشروع في سبيل الحرية وتقرير المصير.
وشدد المتحدث على أن الحديث عن الوحدة الوطنية في الجزائر أمر محسوم تاريخياً وشعبياً، باعتبارها حقيقة راسخة بفضل تلاحم الشعب ووحدته في مواجهة كل أشكال الاستعمار، مشيرة إلى أن الجزائر لم تكن يوماً في حاجة إلى دروس في الوطنية أو في الحفاظ على استقرارها وأمنها، لأن ذلك متجذر في وعي أبنائها ومؤسساتها.
كما ذكّر نائب رئيس اللجنة بالجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي ضد الجزائريين، من مجازر وإبادات في مناطق عدة، مؤكدة أن ذاكرة الشعوب لا تُمحى، وأن إحياء هذه الذكريات واجب وطني وأخلاقي يربط بين الماضي والمستقبل.
وختم بالتأكيد على أن التضامن مع الشعب الصحراوي ليس مجرد موقف عاطفي، بل التزام سياسي وإنساني وأخلاقي، نابع من مبادئ الثورة الجزائرية التي قامت على دعم كل الشعوب المكافحة من أجل استقلالها وكرامتها