
انطلقت هذا الثلاثاء بالجزائر العاصمة أشغال الجمعية العامة السنوية الـ44 لبنك التنمية "سلام إفريقيا ، بحضور ممثلين عن الدول الأعضاء، وعدد من المسؤولين والخبراء الدوليين في مجال الإسكان والتنمية الحضرية. وتستمر الفعالية إلى غاية 17 جويلية الجاري، وسط اهتمام إفريقي واسع، في ظل التحديات المتنامية التي تواجه القارة في مجال توفير السكن اللائق والمستدام
وفي كلمته الافتتاحية، أكد وزير السكن والعمران والمدينة، طارق بلعريبي، أن احتضان الجزائر لهذا الموعد القاري الهام يعكس "الرغبة الواضحة للدولة الجزائرية في لعب دور ريادي في مجال السكن داخل القارة الإفريقية"، مشددًا على أن "السكن ليس مجرد مشروع عمراني بل ركيزة من ركائز الاستقرار الاجتماعي والعدالة والكرامة الإنسانية".
وأشار الوزير إلى أن الجزائر لطالما كانت حاضنة لمشاريع الوحدة والتكامل الإفريقي، مذكّرًا بمحطة أكتوبر 2023، حين احتضنت الجزائر الجمعية العامة الاستثنائية التي تمخضت عن تحويل "شلتر إفريقيا" إلى بنك تنمية إفريقي، في خطوة وصفها بالمفصلية من حيث الرؤية والهيكلة والقدرة على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة.
وأضاف بلعريبي أن القارة الإفريقية تواجه ضغطًا ديمغرافيًا متسارعًا، حيث يُتوقع تضاعف عدد سكانها بحلول عام 2050، ما يستدعي استراتيجيات تمويل واستثمار مبتكرة لتلبية الطلب المتزايد على السكن، في ظل توقعات بنمو اقتصادي يبلغ 4.4% بحلول 2026.
وبلغة الأرقام، قدّم وزير السكن حصيلة الجزائر في مجال الإسكان، مؤكدًا أن الدولة وزّعت ما يقارب 1.7 مليون وحدة سكنية بين سنتي 2020 و2024، بمختلف الصيغ، وبتمويل كامل من الخزينة العمومية. كما أبرز أن هذا الإنجاز تم بفضل قدرات جزائرية خالصة، تشمل أكثر من 19 ألف مؤسسة إنجاز مصنفة، 9500 مهندس معماري، و11 ألف مرقٍ عقاري معتمد، إضافة إلى شبكة واسعة من مكاتب الدراسات الوطنية.
وشدد الوزير على أن الجزائر نجحت في ظرف وجيز في التحول من "بلد مستورد للمدينة إلى بلد منتج لها"، وهو ما يُترجم، حسب تعبيره، إرادة سياسية واضحة واستثمارًا فعليًا في العنصر البشري والقدرة المحلية.
من جهة أخرى، استعرض الوزير أبرز المشاريع الإقليمية التي تقودها الجزائر في مجال البنية التحتية الاندماجية، على غرار مشروع طريق الوحدة الإفريقية الممتد على أكثر من 10 آلاف كيلومتر، ومشروع الألياف البصرية عبر الصحراء، ومشروع طريق تندوف–الزويرات الرابط مع موريتانيا، بالإضافة إلى دعم مالي مخصص من خلال الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي لتمويل مشاريع تنموية ذات طابع تكاملي في عدة دول إفريقية.
كما أعلن الوزير عن استعداد الجزائر لاحتضان معرض التجارة البينية الإفريقية في طبعته الرابعة من 4 إلى 10 سبتمبر 2025، بما يُرسخ، حسب وصفه، التزام الجزائر العملي بتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية ودفع مسار الاندماج الاقتصادي الإفريقي.
وختم الوزير كلمته بتجديد استعداد الجزائر لتقاسم خبراتها مع الدول الإفريقية، وتعزيز التعاون جنوب-جنوب في مجال السكن، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب "تحولًا من التفكير المحلي إلى العمل القاري المشترك".